موضوع: الحوار الايجابي في السعاده الزوجيه الإثنين يوليو 06, 2009 8:49 pm
أيام قليلة بعد أن يطرق الخطيب باب البيت وتتم مراسم الخطبة في الإطار العائلي حتى تبدأ الحوارات والهمسات الحالمة تتراءى على مسامع الحاضرين في جلسات هادئة؛ ليس بعيداً عن أعين الأسرة، وفقاً للعادات الشرقية المحافظة ريثما يتم الزفاف وفق ترتيبات العروسين.
يبدأ العريس في التقرب بالحوار الدافئ الرقيق للخطيبة وتبادله الكلمات والمشاعر؛ لكنَّ البعض بعد الزواج ومع طول الوقت الذي يقضيانه سوياً فإنهما لا يعمدان إلى استثماره في حوار ينعكس إيجاباً على تفاصيل حياتهما الخاصة، فيتحول الحوار أحياناً بين الزوجين إلى الأسوأ، وتصبح لقاءاتهما فقط للتحاور في المشكلات الأسرية فيحول حياتهما إلى روتين يغمره الملل والرتابة وتمحى بينهما ملامح الحب والتفاهم ويسود الشقاق والبعاد في جو خانق كئيب؛ والأسباب في ذلك متنوعة ومتعددة بين جفاء أسلوب الحوار من أحد الطرفين أو كليهما، أو الصمت القاتل وعدم إيجاد مساحة للحوار بسبب انشغال كل من الزوجين عن الآخر بظروف عمله أحياناً ومشكلات الأولاد وأمر رعايتهم من قبل الزوجة أحياناً أخرى، أو عدم وجود الحب بين الزوجين فلا يكون مكاناً للحوار بينهما، أو حتى تصور كل منهما للآخر بأن الأفعال تغني عن الكلام والحوار والنقاش.
"آسية" في التقرير التالي يعرض لأهمية الحوار لتحقيق السعادة بين الزوجين، نرفع الستار عن نماذج إيجابية وأخرى سلبية للحوار أدت إلى فشل الحياة الزوجية ونعرض نتائج دراسات حديثة تؤكد على أن الحوار بين الزوجين أهم أساسيات الحياة الزوجية السعيدة، تابعوا معنا..
تبدأ الحياة بين الزوجين على وتيرة من السعادة والهناءة؛ لكنها أحياناً لا تدوم على ذات النسق سرعان ما تتبدد بفعل انشغال كل من الزوجين عن بعضهما في تفاصيل الحياة أحياناً في العمل وأحياناً أخرى في مشكلات الأبناء، الأب يعمد إلى تكريس وقته وجهده لجلب المال لتوفير متطلبات أسرته وتدور الأم بين رحى العمل والانتباه لتربية الأبناء، عندها لا تجتمع الأسرة إلا على موائد الطعام دقائق معدودة؛ أما الزوجان فيختلسان دقائق أخرى أحياناً قبل الخلود للنوم وتكون النتيجة مللا وسئما يقتل الحوار ويحول علاقتهما إلى علاقة رتيبة فقط يجمعهم وجود الأطفال.. تتوه الحياة السعيدة وتبدأ العلاقة الزوجية بالاحتضار وتنتهي أحياناً بالفكاك والطلاق.
انعدام الحوار سبب للطلاق
"انعدام الحوار سبب للطلاق" تؤكد على ذلك دراسة د. "سامية بخاري" وكيل شئون الطالبات بجامعة الملك عبدالعزيز ورئيسة لجنة التوعية إلى ارتفاع نسبة الطلاق في دول الخليج إلى 38% بسبب غياب الحوار بين الزوجين، فيما ألمحت دراسة سعودية أخرى أعدها د. "صالح سلامة" بركات أستاذ علم النفس بكلية المعلمين بالباحة إلى أن ما نسبته 79% من حالات الانفصال بين الأزواج تكون بسبب انعدام المشاعر بين الزوجين وفقدان أي وسيلة للحوار بينهما؛ بالإضافة إلى عدم تعبير الزوج عن عواطفه لزوجته ما يكلل علاقتهما الزوجية بالملل والرتابة وتنتهي إلى فشل، وفي دبي أكد "عبدالسلام درويش المرزوقي" رئيس التوجيه والإصلاح الأسري في دائرة محاكم دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة أن 92% من المشكلات الزوجية سببها سوء الحوار بين الزوجين بحيث يجهل كل من الطرفين طبيعة وطباع وصفات نصفه الآخر، ناهيك عن عدم توافق الخلفية الثقافية والفكرية بينهما ما يؤدي إلى المزيد من العقبات والمشكلات إذا لم يبدِ أحد الطرفين تنازلاً للطرف الآخر، ويلفت د. "المرزوقي" إلى ضرورة أن يتفهم الزوجان نفسية الآخر فبينما تميل المرأة إلى العاطفة وتحب الاستماع إلى كلام الغزل يميل الرجل إلى الحديث عن العمل ولا يحبذ الحديث عن العاطفة، وكشفت دراسة أخرى أعدتها لجنة إصلاح ذات البين في المحكمة الشرعية السنية في بيروت- لبنان عام 2003 أن انعدام الحوار بين الزوجين كان السبب الرئيسي الثالث المؤدي إلى الطلاق والفكاك بين الأزواج، فيما اعتبر الباحث الاجتماعي "محمد أبو داهش" أن صمت الأزواج سبب رئيسي آخر في الطلاق؛ مشيراً إلى أن 78% من نساء عينة الدراسة خاصته يفضلن الحوار المباشر لحل أية مشكلة تقابلهن في حياتهن الزوجية فيما تلجأ 4% منهن إلى أساليب أخرى ككتابة الرسائل المتبادلة التي توضح وجهة نظرهن في المشكلة.
تأثير سلبي
حين تتوه الخطى يبقى ائتلاف القلوب ودفء المشاعر تبدد الخلافات وتجمع الشمل من جديد في ثوب من المحبة والتواد والتراحم، ولكن حين تنعدم المشاعر ويتسلل الملل والرتابة إلى ملامح الحياة بين الزوجين تنشق القلوب وتعمى الأبصار فلا بصيص أمل يلوح بالتئام الجراح وتضميد الندوب، والأسباب انشغال كل منهما عن الآخر بمشاكل وهموم لا حصر لها إحداها تتعلق بالعمل والآخر بتربية الأطفال والرعاية المادية للأسرة.
"سلمى" كانت في بداية العشرينيات من ربيع عمرها حين أقبل زوجها لطلب الارتباط الأبدي معها، كانت سعيدة ففي كل لقاء بينها والخطيب زوج المستقبل كان الحوار "جميلاً جدا" عن مستقبل حياتهما، تقول: "تحدثنا في كل شيء حتى أننا لم نجد أحاديث نديرها بيننا بعد الزواج"، تصمت وينسل الحزن إلى ملامح وجهها يغرقها بأنهار دموع تتابع: "سارت وتيرة الحياة بيننا بسعادة في أشهر حياتنا الأولى وما لبثت أن حملت في أحشائي طفلي البكر، عندها أخذتني آلام الحمل من زوجي قليلاً وانشغل هو بتوفير الأجواء المادية لولادتي أضحى يستمر في الكد والعمل ساعات طويلة وإذا ما عاد إلى المنزل بدت ملامح الإرهاق على جسده فيلتقط بعضاً من الطعام ويأوي بعدها إلى النوم، تاهت تفاصيل الحياة بيننا واستمرت خطواتنا في التباعد بعد إنجابي طفلي فعكفت على الاهتمام به ورعايته تاركةً مشاعر قلبي تجف باتجاه زوجي المنشغل عني دوماً بالعمل، وتستمر في حديثها المطعم بنبرة الألم حاولت مراراً أن أجد نقطة التقاء بالحوار والتفاهم على أسلوب حياة يأخذ فيه كل ذي حقٍ حقه، لكني سرعان ما أفشل فالدافعية ليس موجودة لدي زوجي للتحاور كان همه فقط توفير المستقبل المادي الآمن لكنه لم يهتم بمشاعر القلوب فاندملت كما الجروح وسارت حياتنا على وتيرة من تأدية الواجبات نعيش كأغراب تحت سقف واحد ولولا وجود الأولاد لكان الطلاق والفكاك مصيرنا في ظل انعدام لغة الحوار بيننا.
الحوار أساس السعادة
وعلى النقيض فإن نادية توقن أن الحوار وسيلة جيدة لإتمام السعادة وإصباغ حياتها بألوانها الزاهية، تقول منذ الارتباط الأول بيني وبين زوجي تفاهمنا على أسلوب الحوار والنقاش في كل أمور حياتنا الصغيرة والكبيرة في إطار المشاركة والمشاورة، مؤكدة أن ذلك يؤصل روابط الحب والتواد والرحمة بينهما ويحقق لهما السكن الهادئ، وتستمر في حديثها كثيراً ما اعترضتنا مشكلات في حياتنا استطعنا أن ننأى بأنفسنا عن آثارها السلبية بالحوار مشيرةً أنها إذا ما قصرت في تأدية واجباتها تجاهه أو أبنائها عمد إلى مصارحتها بأسلوب لطيف لين وإذا ما اكتشف أنه كان أحد أسباب الإخفاق سرعان ما عمد إلى التصويب بغية أن يلون حياته بالسعادة والبهجة، كما أنها تتبع معه ذات الأسلوب لافتة أنها لا تجعل الحوار بينهما فقط مقتصرا على معالجة مشكلات الأولاد أو البوح بمضايقات العمل وإنما يتحاورون في كل شيء يبنون مستقبلهم بأيديهم فلا يتسلل الملل والرتابة إلى حياتهم بل تكون مشحونة بالتفاعل مدعمة بالود والتفاؤل يحققون معنى الشراكة والسعادة على أتم وجه.